Loading... الرجاء الانتظار ...

الرئيسية

هل ستكون الصين هي الأمل عندما ينتهي العالم إلى ركود اقتصادي ؟

بعد عقد من الأزمة المالية العالمية، لا تزال الاقتصادات الرئيسية متمسكة بأسعار الفائدة القريبة من الصفر التي كانت نتيجة لإجراءات التخفيف الطارئة، ويظل النمو العالمي بحاجة للدعم، ويشعر الخبراء بقلق متزايد حيال كيفية استعادة الاقتصاد العالمي لسابق عهده.

التجارة في جميع أنحاء العالم تدخل في حالة ركود، ومعظم الاقتصادات الرئيسية تسجل معدلات نمو قرب الصفر، ويتراجع بها الاستثمار، ومعظم المؤسسات الدولية بما في ذلك صندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون الاقتصاد والتنمية تتوقع المزيد من التدهور.

وهذا لا يأخذ في الاعتبار التصرفات السلبية المفاجئة التي تزيد الأمور سوءًا، مثل حرب التعريفات الجمركية التي أشعلها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ومفاوضات "بريكست"، والصراع الاقتصادي بين اليابان وكوريا الجنوبية.

آفاق كئيبة

- بلغت ديون الحكومات والشركات مستوى قياسي، ومع نفاد ذخيرة البنوك المركزية، يطالب قادة العالم بحزم تحفيز مالي مثل الإنفاق على البنية التحتية وخفض الضرائب، في حين تحتاج الحكومات لخفض الإنفاق للحد من عجز الموازنة.

- الحقيقة المذهلة الآن هي أن أكبر ستة اقتصادات في العالم، يمكنها الحصول على قروض لمدة 30 عامًا مقابل فائدة اسمية ثابتة قرب 2% أو أقل، ويعني ذلك أن القادة الاقتصاديين متشائمون للغاية بشأن آفاق النمو على مدى العقود الثلاثة المقبلة.

- يعني أن ذلك أيضًا أنهم غير مستعدين لاقتراض الأموال حتى عندما يكون الاقتراض مجانيًا تقريبًا، وفي الوقت نفسه، فإن الحكومات التي تدير فوائض كبيرة لم تفشل في أداء دورها لدعم الاقتصاد العالمي، وهو أمر يجب إخضاعه لتدقيق دولي.

- من المفارقات الضارة أن أسعار الفائدة المنخفضة التي دفعت أسعار العقارات والأسهم إلى مستويات قياسية، تسببت في تفاقم عدم المساواة في جميع أنحاء العالم، وإعطاء انطباع خاطئ بأن كل شيء على ما يرام.

توقعات سيئة

- عدلت منظمة التجارة العالمية مؤخرًا توقعاتها لنمو التجارة هذا العام إلى 1.2% انخفاضًا من 2.6% في أبريل الماضي، وفي كوريا الجنوبية تراجعت الصادرات للشهر الحادي عشر على التوالي في أكتوبر بنسبة 14.7%.

- انخفضت صادرات الإلكترونيات بنسبة 18% وأشباه الموصلات بنسبة 32% في ذلك الشهر، وبالنسبة لاقتصاد تمثل فيه الصادرات أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي، سيكون من الصعب تصور آثار هذا التراجع الحاد.

- انخفضت الواردات الصينية بنسبة 6.4% في أكتوبر للشهر السادس على التوالي، ونظرًا لأنها تعتبر قلب العديد من سلاسل التوريد العالمية، فإن هذا الانكماش له تداعيات يشعر بها العالم أجمع الآن، ووفقًا لتحليل أجرته "فايننشال تايمز" فإن صادرات 100 دولة تراجعت خلال النصف الأول من 2019.

- سجلت سنغافورة انخفاضًا في صادراتها غير النفطية بنسبة 8.1% في سبتمبر، وهو الانخفاض الشهري السابع على التوالي، مع تراجع صادرات الإلكترونيات بنسبة 25%، فيما تتوقع المفوضية الأوروبية تباطؤ النمو في الاتحاد الأوروبي إلى 1.1% خلال 2019.

- هذا التباطؤ سيؤثر على فرص العمل وعلى قطاع السيارات الأوروبي وألمانيا بالتحديد، التي يُعتقد أن النمو بها سيسجل 1% هذا العام بدلًا من التوقع السابق البالغ 1.5%.

الصين لم تعد كما السابق

- انخفض الإنتاج العالمي للسيارات في عام 2018 بنسبة 2.4%، وتراجع بنسبة 3.4% في الولايات المتحدة، فيما هبط بأكثر من 10% في الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من عام 2019.

- في ظل معاناة صناعة السيارات، انخفض الطلب الصيني خلال النصف الأول من العام بنسبة 11.4%، وهذا التراجع في أكبر سوق للسيارات في العالم له تأثير عالمي حتمًا، لكن الطلب تراجع أيضًا في أستراليا وكندا والولايات المتحدة وأوروبا.

- الحوافز التي قدمتها الصين في الفترة بين عامي 2008 و2009 شكلت ما قدره 19% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن التدابير التحفيزية التي قدمتها على مدار العامين الماضيين بلغت 7%.

- كانت الصين محركًا يعتمد عليه في دفع النمو العالمي بعد الأزمة المالية، لكن الأمور تبدلت وفقدت بكين قدرتها على دفع نمو المحلي، وتبدو هي من يتجه نحو الركود بسبب تحول تركيزها من التصنيع الموجه للتصدير إلى العقارات والبنية التحتية، ومن الشركات الخاصة إلى المملوكة للدولة.

- ربما تسبب ذلك في تباطؤ الإنتاجية، تزامنًا مع تقلص عدد السكان في سن العمل وانخفاض العمالية الريفية، وبالتالي، فإذا كان العالم على شفا ركود جديد، لن يكون بمقدور الصين توفير الحوافز كما في السابق.

الركود الجديد محله الصين

- يعتقد محللون أن الاقتصاد الصيني يتجه نحو ركود طويل الآجل، بسبب الطريقة التي تدير بها بكين اقتصادها منذ الركود الكبير، بعدما عملت بشكل صحيح على بناء ثروتها، عبر المصانع التي قدمت منتجات تنافسية، وبناء الجسور والطرق لربط المدن والقرى.

- كانت هذه الاستثمارات مصدرًا لتوليد فرص العمل والدخل للشعب الصيني، وعززت القدرة الإنتاجية للاقتصاد، كما عملت البلاد على توفير السكن الآدمي للمواطنين.

- ما زالت الصين عازمة على بناء ثروتها وتعزيز اقتصادها في هذه الأيام، لكنها تفعل ذلك بالطريقة الخاطئة، حيث تطارد استثمارات لا تعزز القدرة الإنتاجية ولا تدعم إمكانات النمو، مثل بناء الجسور والطرق دون هدف حقيقي، وإقامة مصانع غير تنافسية، وتشييد منازل لا يحتاجها أحد.

- إذ أنفقت دولة ما مليارات الدولارات على مشاريع البنية التحتية، فسوف يرتفع ناتجها المحلي الإجمالي، لكن إذا كانت هذه المشاريع عبارة عن جسور لا فائدة منها، فإن رصيد ثروة البلد سيظل دون تغيير وربما يتراجع، بحسب أستاذ العلوم السياسية "مايكل بيكلي".

- مثل هذه المشروعات لها تأثير مضاعف، فهي تخلق مجموعة من الوظائف والدخل أثناء التنفيذ، لكن بما أنها لن يكون لها تأثير في النهاية، فهي لا توفر وظائف أو دخل بعد تنفيذها، وتعتبر إهدارًا للموارد الثمينة للبلاد التي من الأفضل استخدامها في أعمال أخرى.

المصادر: ساوث تشاينا مورنينغ بوست، فوربس، بلومبيرغ